-
سوء حال الموسم الزراعي بالحسكة للعام الثاني بسبب قلة الأمطار.. والفلاح "يا غافل إلك الله"
أيام عصيبة تحبس أنفاس الفلاحين والمزارعين في محافظة الحسكة، سلّة الغذاء السوري التي تهترئ يوماً بعد يوم مع معاناة شديدة للأهالي وانحباس الأمطار في شهر نيسان الحالي، وحال الفلاح يرثى له، وما يزال مزارعو المحاصيل الاستراتيجية في أرياف مدينة الحسكة، ينتظرون المزيد من الهطولات المطرية المتأخرة هذا العام، على أمل إنقاذ محاصيلهم من الجفاف، في ظلّ ارتفاع تكاليف الري عبر المياه الجوفية وتأخر توزيع المازوت وقلة كمياته الموزّعة من قبل اللجان المسؤولة في المنطقة.
وقد أدّى انحباس الأمطار خلال شهر نيسان الحالي إلى خروج مساحات كبيرة من الزراعات البعلية، وخاصة بمناطق الاستقرار الزراعية، منها جزء كبير من منطقة الاستقرار الثانية وكامل المساحات من الثالثة والرابعة، حيث إن معدل الأمطار لم يتجاوز النصف، كما أنّ موجات الحرارة العالية أدت إلى تضرر القمح والشعير البعل فيما ما تزال مناطق الاستقرار الأولى وجزء من الثانية تأنّ تحت وطأة الجفاف وانتظار المطر. "وما يزيد الطين بلة" كما يقول المثل، الأجواء السديمية والمغبرة التي تخيم على المحافظة منذ الأسبوع الماضي، تؤثر بشكل سلبي في نمو المحاصيل الزراعية، ولا سيما محصولا القمح والشعير.
وهذا ما أوضحه مدير دائرة الإنتاج النباتي في زراعة الحسكة، المهندس جلال بلال، قائلاً: "إن الأجواء السديمية وما يرافقها من اشتداد في سرعة الرياح وارتفاع درجات الحرارة وجفاف التربة ستؤثر بشكل كبير في نمو المحاصيل الزراعية، ولا سيما البعلية منها، في ظل حاجتها الكبيرة لمياه الأمطار التي انحبست عن الهطول منذ ما يقارب الشهر.
اقرأ المزيد: مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يؤدي اليمين الدستورية
وأضاف بلال، أن الأجواء السديمية تؤثر كذلك في نمو المحاصيل المروية إذ تؤدي إلى خنق النبات وتحدّ من سرعة نموه، مؤكداً أنه في حال عدم هطول الأمطار خلال الأيام العشرة القادمة فإن معظم المساحة البعلية المزروعة بالقمح والشعير في المحافظة ستخرج من دائرة الإنتاج.
لسان حال الفلاحين والمزارعين
بعد انقطاع الأمل بالمطر لتاريخه، يراقب المزارعون في حالة يأس وإحباط محاصيل القمح والشعير وهي تموت ببطء. وجلب الطقس المتقلب الذي شهده الشهر الحالي مشكلة اقتصادية وخسائر كبيرة لمزارعي الحبوب للعام الثاني على التوالي.
حيث يقول الفلاح (ع - س): "إن الأمطار المتأخرة وارتفاع درجات الحرارة أخرجت مساحات كبيرة من دائرة الإنتاج، خاصة في مناطق الاستقرار الثالثة والرابعة، والدور يأتي على منطقة الاستقرار الثانية، إذا بقي انحباس المطر مستمراً، أما منطقة الاستقرار الأولى فما زالت تقاوم الجفاف، وهذا أيضاً سيؤثر حتى على إنتاج القمح المروي بسبب قلة المحروقات وتأخر توزيع المازوت في أوقاته المطلوبة وغياب الدعم من ناحية البذار والمحروقات وندرة الأمطار للعام الثاني توالياً، أثقل كاهلنا مادياً، لأن ندرة الأمطار أدت إلى ارتفاع تكاليف الزراعة عموماً بشقيها البعلي والمروي، الأمر الذي أدى إلى تقلص المساحات".
أما المزارع (ب - س) فيقول: "أدى انحباس الأمطار وقلتها في شهر نيسان إلى خروج مساحات كبيرة من الإنتاج، وأنا كمزارع، وبسبب ذلك، قمنا بقلب مساحة 600 دونم من محصول الكزبرة التي كنت قد زرعتها هذا العام في منطقة الاستقرار الثانية، ما كلفني خسارة أكثر من 30 مليون ليرة سورية، إلى جانب خسارة أكثر من 500 دونم من القمح الذي تضرر بسبب قلة الأمطار في شهر نيسان، وهذا حال أغلب المزارعين والفلاحين في منطقة الاستقرار الثانية التي بدأ فيها ذبول القمح والشعير والعدس والكمون بمساحات كبيرة".
اقرأ المزيد: الجزائر تضع شروطاً لعودة سفيرها إلى مدريد
ويضيف، أنّ "العامين، الماضي والحالي، هما من أسوء الأعوام التي مرت على المنطقة بسبب قلة الأمطار. وليس لدي خيار سوى بيع محصولي إلى راعي ماشية، في حال إذا استطاع هو أيضاً شراءه بسبب انخفاض أسعار المواشي، ومع ذلك أعلم أن بيعي للمحصول لن يعوضني ربع ما أنفقته على الأرض من حراثة وزراعة واستئجار معدات".
خوف ينتاب الفلاحين والمزارعين مع اقتراب نهاية موسم الأمطار وشح الهطولات المطرية، وخوف آخر من خسارة مواسمهم وتلف محاصيلهم الحقلية بعد جفافها في ظل الظروف الاقتصادية التي أثقلت قسوة تحدياتها معيشة المواطنين السوريين، وغلاء أسعار الأسمدة والمحروقات، وتحكم ارتفاع سعر الدولار في شرائها في محافظة الحسكة "سلة الغذاء السورية".
هذا الأمر، يؤكّده المزارع (م - س)، من قرى ريف القامشلي، والذي زرع أكثر من ألف هكتار للموسم الحالي، قائلاً إنه "في السنة الماضية خسرت قرابة 4 - 5 ملايين ليرة سورية بسبب انحسار الأمطار، إلى جانب عدم حصولي على الدعم من قبل لجان الزراعة من مخصصات المازوت والأسمدة لأنقذ به محاصيلي المروية، وهذا العام ربما أخسر ضعف ما خسرته العام الماضي بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة".
ووفق إحصائيات مديرية زراعة الحسكة، فقد بلغت المساحات المزروعة بالقمح والشعير، رياً وبعلاً، 569 ألف هكتار.
وتعدّ أخبار محصول هذا الموسم الكارثي مزعجة للسوريين الذين يعيشون خارج حدود محافظة الحسكة أيضاً، ويشار إلى أنّ المحافظة الشمالية الشرقية، المعروفة باسم “سلّة غذاء سوريا”، تساهم فعلياً بنسبة ٥٠-٧٠٪ من إنتاج القمح الوطني في بلد يشكل فيه الخبز غذاء أساسياً للسكان.
ليفانت - جمعة خزيم
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!